أوضح استشاري في الطب النفسي أن قلة الضوء عند موظفي "المناوبات" المسائية لها علاقة كبيرة في الإصابة بالقلق والاكتئاب، وبين أن العلاقة بين الاكتئاب والأمراض العضوية علاقة متشعبة، فأي مرض جسدي يؤدي إلى ردة فعل قد تصل إلى الكآبة، نتيجة للتغيرات الغديّة مثل نقص نشاط الغدة الدرقية، مشيراً أن هذه تسمى بالكآبة العضوية، وقد يصاب الشخص بالكآبة نتيجة تضايقه من مرض عضوي.
وذكر استشاري الطب النفسي في مستشفى الملك عبد العزيز للحرس الوطني الدكتور طارق شحرور أن العلاقة بين مرض القلب والاكتئاب علاقة عكسية، فقد يسبب مرض القلب الاكتئاب، وقد يسبب الاكتئاب مرض القلب، وأن القلق عامل قوي ينتهي بالاكتئاب، وأنه قد يؤدي إلى اضطراب الأكل، فقد يصاب المكتئب بشراهة أو نقص في الشهية، وطول مدة النوم، وفي هذه الحالة يصاب المريض بزيادة الوزن بنسبة 10% خلال شهر، مبيناً أن الكآبة عند الأطفال ممكن أن تتضح بعدة أعراض ، منها فقدان الشهية ونقص الوزن، وفي حالات قليلة قد تصل إلى التبول الليلي.
وكشف الدكتور شحرور عن وجود ارتباط بين الكآبة والمناعة، مع عدم إثبات ذلك علمياً، مؤكداً أنه وعندما يصاب الإنسان بالالتهابات والجراثيم أو بالزكام يصاب بكآبة مؤقتة.
ويضيف أن أسباب الكآبة كثيرة، وممكن أن تأتي من تأثيرات الطفولة، التي تكون هاجعة تحت السطح، ولا تظهر إلا بعد سنين عديدة عندما يكبر الإنسان، وبين أن من أبرز أسباب الإصابة بها العوامل الوراثية، مشيراً إلى أنه تمت دراسة ذلك بإجراء مقارنة بين عائلتين إحداهما مصابة بالاكتئاب، وتبين أن الطفل من العائلة الثانية مصاب بالاكتئاب، وعزل تماما عن الاحتكاك بأهله البيولوجيين، ومع ذلك أصيب بالاكتئاب بسبب العامل الوراثي.
وبين الدكتور شحرور ارتباط الضوء بالاكتئاب، وأن قلة الضوء خاصة عند موظفي "المناوبات" قد تعرضهم أكثر لهذا المرض، وأن هناك علاجا بالضوء للمكتئبين، ولا يقتصر على العلاج الدوائي. بل يتعداه إلى الاجتماعي والكلامي والسلوكي.
ونبه إلى أن الأدوية النفسية كبقية الأدوية يجب استشارة الطبيب قبل تناولها، ونفى بدوره كل الإشاعات حول تأثير تلك الأدوية على مستخدمها من إدمان أو على العقل أو أنها تضر الكلى والكبد.
من جهته أوضح استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم في كلية الطب في جامعة الملك سعود الدكتور أحمد باهمام ، أن الاضطرابات النفسية قد تؤدي إلى اضطرابات النوم، كما أن اضطرابات النوم قد تؤدي إلى الاكتئاب، والذي يصيب النساء بنسبة أكبر من الرجال، وله أسباب عدة، منها ما هو وراثي، ومنها ما هو ناشئ عن ضغوط الحياة، وفي هذا المرض ينتاب المريض شعور بالحزن والرغبة في البكاء أو فقد الرغبة لمزاولة أي نشاط والميل للعزلة الاجتماعية، ويشكو المريض غالباً من ضيق الصدر، ويصحب ذلك وهن الجسم وخمول.
وأشارت الطبيبة النفسية في مستشفى الملك خالد الجامعي في الرياض الدكتورة إيمان أبا حسين إلى أن 80% من المصابين بالاكتئاب، يواجهون صعوبة في النوم تتمثل في الأرق وصعوبة الخلود للنوم، والاستيقاظ كثيراً خلال الليل، والأحلام المزعجة، أو الاستيقاظ، خلال ساعات الصباح الباكر مع العجز عن العودة مجدداً للنوم وينتج عن ذلك قلة ساعات النوم بالليل بما يزيد من توتر المزاج و حدته.
وبيّن الباحثان باهمام وأبا حسين أن هناك فئة أخرى من المرضى على العكس من ذلك، تكثر ساعات النوم بالليل عن الحدود الطبيعية، ويزيد عندهم النعاس والخمول خلال النهار ، وفي كلتا الحالتين اضطراب النوم يؤثر تـأثيراً سلبياً على المرض، ويساهم في زيادته.
ومن الأعراض الأخرى للاكتئاب اضطراب في الشهية للأكل يصاحبه تغير في الوزن إما بالزيادة أو النقصان، وشعور بالدونية وبالذنب، ولوم النفس على الأخطاء القديمة، وفقدان الرغبة الجنسية، وفي الحالات الشديدة قد يتمنى المريض الموت أو يفكر في الانتحار، وقد يبلغ المرض حدته لدرجة يتوقف فيها المريض عن الكلام والأكل والحركة، وحتى القيام بشؤونه الخاصة، وهذه الحالة يطلق عليها الذهول الاكتئابي.
وذكر الباحثان أن علاج الاكتئاب عبارة عن علاج دوائي وعلاج نفسي، أما العلاج الدوائي فيتمثل في الأدوية المضادة للاكتئاب، وهي لا تسبب إدمان المريض عليها، وأعراضها الجانبية قليلة جداً، وتُعطى بوصفة عادية وهي تباع في الصيدليات ، والعلاج النفسي عبارة عن جلسات نفسية مع اختصاصي نفسي، وهي تهدف إلى مساعدة المريض في التعرف على أسباب اكتئابه وطريقة تفكيره وأنماط سلوكه السلبية المؤدية للاكتئاب، واستبدالها بنظرة وطريقة تفكير إيجابية، وبالتالي سلوك صحي متأقلم مع الواقع، وبالنسبة لاضطراب النوم المصاحب للاكتئاب فإنه يتحسن تدريجياً بتحسن مزاج المريض.
المصدر او للتعليق على هذا الرابط
http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=2860&id=64158&groupID=0